الخضروات والخطر الداهم- شمارات باذنجانة
قال صديقي: بينما كنت اتسوق رأيت جمهرة من الناس حسبتها مشاجرة او نشال قاده سوء حظه او حسن حظ المنشول للقبض عليه، قادني حب الاستطلاع و " حركني الشمار" فوجدت نفسي وسط هذه المعمعة اتدرى ما رايت؟ لم تكن مشاجرة بل لم يكن حتى القبض على نشال! رأيت هذه الجمهرة تحيط"بكومين" من الجوالات وقد برزت باذنجانة اعلى الجوال من كوم خلال فتحة فيه، كانت احدى الباذنجانتين شديدة اللمعان منتفخة الاوداج وبضة ممتلئة الارداف ولها فم صغير تراصت عليه حبات اللؤلؤ وعينان واسعتان تطل بهما على الحاضرين بدلال واحياناً تغمز لاحد الحاضرين وتهز كتفيها لآخر ، ومن فم الجوال برزت عدة باذنجانات يشجعنها بالتصفيق حيناً وبالصفير طوراً واحياناً بالغناء.
اما المجموعة الثانية فكانت تمثلها باذنجانة متقدة العينين ورغم شحوبها فقد كانت تشع شباباً وبادية النشاط وكاختها كانت لها مجموعة من المشجعات يشدون ازرها بالهتاف والصفير، ورغم عدم المامنا بلغة الخضروات الا ان الضجيج الصادر اجتذب مزيداًَ من الجماهير وتولى مسنان يعملان بسوق الخضار مهمة الترجمة الفورية بعد ان طالبا بالهدوء وتم تنظيم الندوة.
قالت الباذنجانة الناحلة: انت ايتها المشعة يا من تلمعين! من اين أتيت بكل هذا اللمعان؟ بل كيف اكتنزت هكذا حتى صرت مترهلة؟ ثم من اين لك كل هذا الحجم حتى صرت كالقرعة؟ انسيت انك باذنجانة؟
فانبرت لها تلك قائلة: اما اللمعان والحجم الكبير ايتها العجفاء الضامرة فهو من حيث التغذية والرعاية فصاحبنا يعطينا سماداً بلا حساب نأخذ منه ما نحتاج ونطرح ما تبقي ارضاً اسمعت بما يسمى السماد؟ بل انه يتفضل علينا برشنا بمواد تبعد عنا الحشرات من قمة اوراقنا حتى اخمص جذورنا فلا تصل الينا آفات التربة ولا حشرات الجو، اسمعت بالمبيدات ابداً ايتها الشمطاء؟ انها تبعد عنا المتطفلين فهي لنا زينة ترش علينا بدرة وسوائل وهي تعطينا اللمعان والجمال بل ان البنات ايضا اكتشفن سر البودرة فاصبحن يضعنها فى وجوههن حتى يصبحن جميلات اسمعت بمساحيق التجميل؟ ايتها العاطلة من الجمال؟ ثم ازيدك ان صاحبنا يتجود علينا بمبيدات القطن طبعاً تسمعي بالقطن ايتها المحلية! انه محصول للتصدير وهو مدلل يتوافر عليه العلماء تصورى تلك الاشياء الراقية التى تستعمل للصادر تعطي لنا الامر الذي يجعلنا مرغوبين فى الاسواق ويأخذونا لبيوت الافراح اما انت فالى الاكواخ، والغالي بغلاته! واقتراح عليكي ان تتركي صاحبك هذا الذى لا يملك الا البذور وماء الري وهلمى معنا لتستمتعي.
قالت ذلك ثم استدرات دورة كاملة وبحركات راقصة من الكتفين وغمز بالعيون حيث جمهور الحاضرين! وغيرها امتلأت جنبات المكان بصيحات الفرح من صويحباتها وتماسكت ايديهن يرقصن ويغنين"نحن فوق عزنا"....الخ.
فردت عليها الباذنجانة الناحلة قائلة: انك ايتها المغرورة المسكينة لا تدرين بالذي به تتباهين وهذا اللمعان الذي به تفاخرين! ايا من اكتنزت سموماً ولم اكن اتخيلك بمثل هذه السذاجة والجهل وعدم الدراية؟ الم تسمعي بترشيد استخدام الاسمدة والمبيدات؟ الم تسمعي بحماية البيئة؟ ولك من نلوم وقد سعي صاحبكن ليس الى افسادكن بل الى افساد اخوانه من البشر ونشر الامراض بينهم! وهذا ديدن بعضهم الم تسمعي ببروميد البوتاسيوم وما فعله؟ وهنا تصايحت المجموعة التى معها وتماسكن وهن يغنين حماية البيئة وحماية الصحة، جذبت هذه الصيحات مزيداً من الجمهور ولما لم يكن هناك مشترين فقد تضايق صاحب الخضار من هذه " اللمة" رغم استمتاعه بالجدال الا انه عاجل الجوالين برشات من الماء سكنت على اثرها المعركة وتفرق الجمهور وكما يحدث فى مباريات كرة القدم قد انقسم فريقين يردد الاول الخطر المبيد ويرد الاخر بل البروميد.
ساحة النقاش