هــــل يـنـضــب معـين الـزراعـــة-
تراود صناع القرار ومتخذيه ريب وظنون، ويأخذ بهم الارتياب أيما مأخذ بأن يكون للقطاع الزراعي دوراً اقتصادياًً هاماً فى مستقبل البلاد، او يحظى الانتاج الزراعي بأي أهمية في الدخل القومي،وذلك بعد تدفق البترول،بل ملء يقينهم ان مساهمة الانتاج الزراعي تدنت عن 30% من الدخل القومي وتشكل اقل من ذلك من عائدات الصادر،اذ ان الانتاج النفطي قد تربع على عرش الصادرات وقد تقافزت أسعاره من 18 دولار للبرميل الى ما يقرب من 70 دولار فى ظل انتاج يتصاعد من 300الف برميل يومياً الى 500 الف الى المليون برميل الحد الادنى لعضوية الاوبك باذن الله فى نهاية العام المقبل، اذن فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب، فلا مكابر ولا مزايد، وعند جهينة الخبر اليقين، ولكن هل يسمح لنا الاقتصاديون وحرفيّ الأرقام وصناع القرار بأن نعقد مقارنة لوجه الله بين قطاع الزراعة وقطاع النفط:
نقر نحن اهل الزراعة ونبصم بان العائد من النفط مقارنة مع الزراعة كبير ومؤثر،الاّ ان الأثر قد يكون ايجابياً او سلبياً،نعمة او نقمة، نعمة عندما يصب العائد منه فى شرايين الاقتصاد القومي، {البْني التحتية الزراعة- الصناعة- التعليم – الصحة- الكهرباء- الطرق- وتحسين حياة الفقراء بتحويلهم لمنتجين فاعلين} حينها تصل النعمة لكل ابناء الوطن بيسر...ويصير نقمة عندما يشتد حوله التكالب وتقدح حول آباره شرارات النزاع ويلف الغموض بنود صرف عوائده... فلننظر فى أي النجدين نسعى.. الزراعة لا يشوبها غبرة من هذا، الزراعة تحسن البيئة، النفط استخراجاً واستهلاكاً يدمر البيئة- هيئة مصفاة الجيلي مثال لذلك-ان انخفاض نسبة أول وثاني أكسيد الكربون في الجو هي واحدة من معايير التنمية الإنسانية العالمية، الزراعة مستودع اكبر قدر من الأيدي العاملة للقطاعات الأخرى وهي المستوعب الاول للعمالة في السودان 70% من سكان السودان يعملون بالزراعة، وبينما ينمى القطاع الزراعي القطاعات الاخرى يحطم القطاع النفطي القطاعات الاخرى فيما يسمى بالمرض الهولندي او الحالة النيجيرية عند الاقتصاديين. الحيرة الاقتصادية الآن هي احدى أعراض ذلك الاعتلال الاقتصادي.
والاهم من كل ذلك فان القطاع الزراعي متجدد ومستمر وهام لاستمرارية الحياة، واراضي السودان لم تستغل بعد بالكفاءة القصوى.... هل ينضب معين الزراعة؟ ان النفط ناضب لا محالة.. كثير من البلدان المنتجة للبترول صارت تخرج منه ويتراجع الانتاج في عدة دول حتى المملكة العربية السعودية ذات الاحتياطي الأكبر والأشهر بدأت تستعمل ما يسمى بغسيل الزجاجة،وهو فتح المياه في الآبار لاستخلاص البترول بتكلفة عالية. إذا كان هذا مستقبل البترول في العقدين القادمين فان مفارقة المفارقات ان الزراعة هي المرشحة لتحل محل النفط فيما يسمى انتاج الوقود الحيوى الذي صار يملأ خزانات وقود العالم حسب ما تقوله مجلة نيوزويك النسخة العربية عدد 9/8/2005م ان البرازيل تستعمل حقول قصب السكر لتغذي مئات المصانع المنتجة للايثانول، ويخلط سائقي البرازيل وقود مركباتهم بــ 25% من الأيثانول وبأسعار اقل من نصف أسعار الجازولين،بل ان مجلة النيوزويك تقول ان صهاريج الأيثانول البرازيلية تمخر عباب البحار السبعة لتزويد البلدان المتعطشة للنفط ككوريا الجنوبية واليابان. ولم يعد بعيداً الحديث عن ان البرازيل تصبح مملكة الأيثانول امراً مستغرباً.. ان الذرة الشامية وزهرة الشمس وقصب السكر هي مصادر محتملة من مصادر الوقود الحيوي – اني أتساءل مرة اخرى هل ينضب معين الزراعة؟ من المؤكد ان الفعل نضب ينضب لا يجوز عن الزراعة .. ان الذي يجب الاّ ينضب هو عقول أبناء الشعب السوداني،وعلى صناع القرار ومتخذيه ان يدفعوا على ان لا ينضب معين مراكز البحث وصناعة التقانات ونقلها لمستحقيها في كل بقاع الوطن الأخضر بأذن الله.
ساحة النقاش