<!-- [if !mso]> <mce:style><!-- v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} --> <!-- [endif]---->
<!-- <!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <mce:style><!-- /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} --> <!-- [endif]---->
مقدمة :
يعبر التمويل الأصغر عن تلك الخدمات المالية والغير مالية التي تقدم للفقراء من منظمي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو منهجية إقراض توظف بدائل للضمانات لتقديم وإسترداد قروض قصيرة الأجل لرأس المال العامل لأصحاب المشاريع الصغيرة. وذلك بأعتباره مجموعة من الخدمات المقدمة للأفراد الذين ليس لهم القدرة على الحصول عليها من المصادر والمؤسسات المالية التقليدية. وبالتالي يمكن للتمويل الأصغر أن يكون من الأدوات الفاعلة في التقليل من حدة الفقر والبطالة والتخلف، لأنه يعني أيضا بتوفير الخدمات المالية كالإقراض والإيداع والإدخار التي تتكيف مع إحتياجات الفقراء القادرين (بصورة خاصة النساء) على تنظيم المشروعات خاصة تلك المدرة للدخل.
ومن الثابت أن الفقر والتخلف يعتبران عاملان متلازمان ومترابطان، ويؤثران بصورة مباشرة في حياة غالبية سكان العالم خاصة النساء، فهناك أكثر من 1.3 مليار نسمة من الفقراء المدقعين، ويشكل فقراء الريف السواد الأعظم من الفقراء في البلدان النامية، يؤثر الفقر الريفي على حياة ما يزيد على خُمْس سكان العالم. فأكثر من نصف مليار نسمة يعانوا من سوء التغذية، ونحو مليار نسمة لا يحصلون على الغذاء الكافي، وما يزيد عن 1.2 مليار نسمة لا يحصلون على مياه نقية، وحتي في الدول الصناعية يعيش حوالي 100 مليون نسمة دون خط الفقر وتعاني أعداد كبيرة من فقدان المأوى وفرص العمل. ويعيش الملايين من الفقراء العرب دون خط الفقر الوطني عربيا، وتصنف الدول العربية إلى ثلاث مستويات طبقاً لكثافة الفقر الريفي المستوى الأول: يضم مجموعة الدول التي تقل بها نسبة فقراء الريف إلى مجموع الفقراء عن 33.3% وهى: جيبوتي والأردن ولبنان وتونس. المستوى الثاني: يضم مجموعة الدول التي تتراوح بها نسبة فقراء الريف إلى مجموع الفقراء بين 33.3% - 66.6% وهى: الجزائر ومصر والمغرب. المستوى الثالث: يضم مجموعة الدول التي يزيد بها نسبة فقراء الريف / مجموع الفقراء عن 66.6% وهى: الصومال والسودان وسوريا واليمن وفلسطين
ولذلك فأنه من المفيد أن تركز برامج التمويل الأصغر على تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات غير المالية بالأضافة الي الخدمات المالية وليس خدمات الإقراض فقط، مع التركيز على تقديم تلك الخدمات المالية المتنوعة إلى شريحة الفقراء القادرين على خلق المشروعات المدرة للدخل، خاصة النساء والشباب وهنا تبرز ضرورة التعرف علي واقع التمويل الأصغر وتفعيل سبل حماية زبائن التمويل الأصغر، لأن أغلب الفقراء العرب، هم من ذوو الحيازات الصغيرة، والمعدمون من غير الحائزين، والعمال الزراعيين المؤقتين، ويتفشى الفقر في صفوف المتسربين من المدارس والأميين والعاطلين عن العمل، مع ارتفاع نسب الأسر الفقيرة التي تعولها النساء، وبدلاً من أن يقل الفقر في المناطق الزراعية المروية، الا أنه يزداد في المناطق النائية والحدية والمتدهورة بيئياً، ويصل أعلى مستوياته في المناطق الأكثر بعدًا عن العواصم والمدن العربية الكبرى، كما يتزايد التركيز الجغرافي للفقر بفعل المزيد من مظاهر التمييز أو الاستبعاد.
التمويل الأصغر وكسر حلقة الفقر والتخلف
برامج التمويل الأصغر تسعي لتقديم مجموعة متنوعة من الخدمات المالية (ليس خدمات الإقراض فقط) للأفراد الذين ليس لهم القدرة على الحصول على تلك الخدمات من المؤسسات المالية الرسمية، والقادرين في نفس الوقت على بدء مشروعات إستثمارية مدرة للدخل، أي أمكانية قيام دور حيوي لمعالجة مشكلة الفقر والبطالة، إضافة إلى معالجة مشكلة الإقصاء الإقتصادي والإجتماعي الذي يعانيه الكثير من الأفراد القليلي المردودية والكثيري المخاطرة من وجهة نظر المؤسسات المالية الرسمية، ومن هنا يمثل التمويل الأصغر أداة مهمة في ظل السياسات الأقتصادية الكلية الوطنية الراشدة للتخفيف من حدة الفقر والتخلف، حيث تعتبر مشكلة التخلف، إحدى العقبات الأساسية المعيقة لتحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي. هذه الأعاقة تولد الحرمان من الموارد البشرية المدربة والمؤهلة للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحرمان أيضا من الموارد الاقتصادية؛ والتوزع غير العادل للإنتاج، وبطالة عالية لليد العاملة الريفية، وكل ذلك يعد معوقا لتحقيق التقدم والرفاهية للمجتمع ككل.
وبما أن التنمية الريفية تعد من العمليات التي يمكن عن طريقها تنسيق وتوحيد جهود الأفراد و الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في التجمعات المحلية، فمن المهم جدا ان تكون هذه التجمعات جزءاً متكاملاً من الدولة وتساعدها على أن تسهم إسهاماً فعالاً في تحقيق التنمية المستدامة، والعمل على إشباع الحاجات المادية والاجتماعية لأفراد المجتمع (الغذاء والصحة والتعليم والعمل والسكن). وهذا التكامل يجعل التنمية المستدامة وسيلة فاعلة للقضاء علي الفقر والتخلف معا وعبرها يمكن للتمويل الأصغر التخفيف من حدة البطالة، ذلك لأن هدف التنمية ووسيلتها هو الإنسان وتنمية القدرات التي تساعده على القيام بأدواره الاجتماعية والإنتاجية، فتنمية المجتمع الريفي مرهونة إلى حد بعيد بفاعلية نظم إعداد وتأهيل القوة العاملة فيه، خاصة النساء، مهنياً وصحياً وحضارياً، لمواجهة خطر البطالة المتفاقم والمتزايد في الوطن العربي. (أنظر الشكل (1))
شكل رقم (1) : معدلات البطالة في الدول العربية لسنة 2010
المصدر: إعداد الباحثين أ.د. فوزي بوسدرا وأ.عبدالرحمن عبدالقادر (دور صناعة التمويل الأصغر في الحد من البطالة – دراسة حالة دول المينا MENA ) بالاستناد إلى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (2010).
وتتضح أهمية التمويل الأصغر ودوره في التنمية من خلال التخفيف من البطالة، كلما نظرنا الي الواقع الأليم المتمثل في تفشي البطالة وتزايدها، فعلي حسب التقرير الأقتصادي العربي الموحد لعام 2010 يقدر عدد العاطلين عن العمل في الدول العربية بحوالي 14 مليون عاطل في 2009 بما يمثل حوالي 07% من عدد العاطلين في العالم. كما تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 15-25 سنة 30% في عام 2006، وان الدول العربية ستحتاج بحلول 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل، ومع ذلك تحتفظ الدول العربية بأعلى معدلات البطالة بالمقارنة مع مختلف أقاليم العالم الأخرى، ومع المتوسط العالمي البالغ 5.7%، حيث بلغ في سنة 2008 عدد العاطلين عن العمل في الدول العربية حوالي 17 مليون. وفيما يخص بتوزيع معدلات البطالة بين الدول العربية، نجدها تتضمن ثلاثة مجموعات، المجموعة تضم الدول التي لها معدلات بطالة تفوق 15%، والمجموعة الثانية تشمل الدول التي سجلت معدلات بطالة بين 06 و 15% إضافة إلى إيران حيث بلغت نسبة البطالة في 2009/2001 نسبة 11.9% ، والأخيرة تتمثل في الدول التي لها معدلات متدنية اقل من 06% (أنظر شكل 1). ويشير تقرير التنمية البشرية لبرنامج الامم المتحدة الأنمائي عام 2010 الي تصاعد ارتفاعها في سنة 2009، وذلك راجع للآثار السلبية للازمة المالية العالمية التي أصابت الاقتصاد العالمي، حيث فقد 34 مليون شخص وظائفهم وأصبح 64 مليون يعيشون تحت خط الفقر (1.25 دولار) وكانت لهذه الأزمة انعكاسات على دول المنطقة.
شكل (2) : تفعيل اساليب وطرق التمويل الأصغر من أجل التنمية والتخفيف من حده الفقر والتخلف
مما سبق يتضح لنا أهمية التمويل الأصغر وعلاقته بمشكلات الفقر والبطالة والإقصاء المالي التي تعانيها الفئات الفقيرة والمحدودة الدخل، علي شرط التفكير الجادي أساليب وطرق التمويل الأصغر وتطوير، وتفعيلها، بصورة تضمن الحفاظ علي حقوق زبائن التمويل الأصغر، خاصة النساء، حتي نحصل علي الآثار الهامة والإيجابية للتقليل من مشكلات الفقر والبطالة والإقصاء المالي في سياق تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي.
التمويل الأصغر مفتاح التنمية
أن واقع التمويل الأصغر العربي يشير الي أن معظم الناس الذين يرزحون تحت وطأة الفقر، والعطالة وأعباء الديون، لا يلجأون للقروض لتمويل الممتلكات كما كان الحال في الماضي، وإنما لتمويل اقتناء الضروريات والاحتياجات اليومية. ويرجع هذا التغير في نوعية المقترضين لارتفاع الأعداد المتزايدة من الناس الذين يدخلون في عداد الفقراء، نتيجة الكساد الاقتصادي وتصاعد البطالة، ونتيجة المرض والحوادث وغيرها. هذا الواقع المعقد أدي إلى زيادة الضغوط باستمرار على الكثير من المؤسسات التي تقوم بتقديم الخدمات المختلفة المقدمة لزبائن التمويل الأصغر، مما يتطلب أعادة النظر في أسس وأساليب التمويل الأصغر حتي يلبي هذه الأحتياجات الحقيقة، ويصبح المفتاح لمغاليق التنمية المتمثلة في الفقر والبطالة.
إن الهدف الأساس من التنمية تلبية حاجاتهم، والوصول بهم إلى درجة ملائمة من التطور وتعميق إنسانيتهم، لإنها فى حد ذاتها، لا تقوم إلا بالبشر أنفسهم الذين هم أهم وسائل تحقيقها، لذلك تقوم التنمية على حشد الطاقات البشرية الموجودة في المجتمع دون تمييز بين النساء والرجال. ومن ههنا يصبح الاهتمام بالمرأة وبدورها في تنمية المجتمع جزءاً أساسياً في عملية التنمية، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في هذه العمليات. فالنساء يشكلن نصف المجتمع العربي وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية، وقد أصبح لزاماً أن يسهمن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجال، بل لقد أصبح تقدم أي مجتمع مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم النساء وقدرتهن على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبقضاء هذا المجتمع على كافة أشكال التمييز ضدهن.
التنمية ... التنمية ... التنمية
شكل (3): التمويل الأصغر مفتاح التنمية
ومن هنا يأتي دور التمويل الأصغر في تقديم الخدمات المالية و غير المالية للنساء و بالأخص في الأماكن الريفية التي لا يعرف النساء فيها سبل التعامل مع القطاع المصرفي الرسمي بل أنه في أكثر الأحيان تعاني النساء في تلك المجتمعات من الأمية.
ساحة النقاش