الإرشاد السوداني

رفع الوعي عبرنشر ونقل التقانات الزراعية بشقيها للمستفيدين

شمارات مزارع – مختار احمد مختار-

فجاءة وجدت نفسي تقود سيارة فارهة ذات دفع رباعي من ماركة عالمية شهيرة يتأرجح هوائي اللاسلكي الفخم يمنة ويسرة كلما اهتزت السيارة التى تحمل رقماً مميزاً يعلوه كلمة " استثمار" وعلى الطبلون تجلس بوقار قارورة العطر الفرنسي مرسلة تحياتها الفواحة وعبيرها المغذي لكل من فى السيارة فيجيبها " الاستريو" الرقمي بانغام شجية بينما يشارك هواء التكييف بنقل هذه التحايا لكل اجزاء السيارة... وانا شخصياً امسك بمقود العربة وان كانت يدايّ و ذراعاي قد تضخمتا كثيراً وحتى ذلك الشعر الذي كان يكسوهما وإزالة الطين عاد من جديد بل وغزيراً شديد اللمعان، وارتدي بدلة كاملة (فل سوت) من ماركة عالمية شهيرة، وبين الفينة والأخري يرسل جوال الثريا انغاماً أتجاهل أكثرها، وتسير العربة بتؤدة نحو شركتي وعبر الزجاج المظلل أري الأشباه الآدمية تزحم الطريق بل وتسده احياناً بالله كيف تستطيع هذه السيقان النحيلة ان تتحمل هذه الاجسام الضامرة والأعجب ان بشرتهم جميعاً رغم اختلاف الوانها كالحة... يا الهي لماذا لا تبني الحكومة ملاجئ لهذه المخلوقات على الاقل حتى توفر عليهم مشقة الجيئة والذهاب .. كانت هذه الأفكار تدور برأسي حتى وقفت العربة امام " شركة انتاج وتصدير المنتجات الزراعية" وقف الجميع لتحيتي احتراماً او نفاقاً وحيوني صباح الخير يا سيد ... واجبتهم بايماءة بينما تدافعوا لحمل حقيبتي ( الخفيفة اصلاً) فأعطيتها لهم فطاروا بها لمكتبي بينما كنت امشي متمهلاً ومتفحصاً وما ان ادلي بملاحظة حتى يسجلها عبد الله وهكذا اتفقد كل الأقسام وما ان ادخل قسماً حتى يقفوا لتحيتي ويعطيني المسئول عنه تقريراً شفوياً عن الموقف حتى الآن خاتماً بأن التقرير المفصل امامي فى المكتب. وهكذا حتى دخلت ادارة المشتروات والذين افادوني بان طائرة النقل الجديدة – التى تم شراؤها مؤخراً- قد انضمت لاسطول الشركة بل انها الآن محملة بالصادرات المتجهة الى اروبا وامريكا وعندما وصلت الى الطابق الذي يوجد فيه مكتبي عبرت مكتب السكرتيرة والتى هبت واقفة لتحيتي بقامتها الهيفاء وطلعتها البهية ولمن لا يعرفها فهي تجيد سبعة لفات عالمية و تتولي كافة اعمال الترجمة، دلفت الى مكتبي دون النظر الى جموع المنتظرين داخل المكتب الانيق، وبمجرد دخولي الى المكتب تم إحضار القهوة المظبوطة والصحف اليومية المحلية والاجنبية مع ملخصات للاشياء الهامة.. و لما كان برنامجي مزدحماً فقد اكتفيت بقراءة الملخصات والقيت نظرة عجلي على بقية الصحف.. وعندما اخبرتني السكرتيرة بان " مستر كارلو" قد وصل طلبت منها استدعاء رئيس الادارة القانونية ومدراء المبيوعات و المشتروات فافادتني بانهم ايضاً فى مكتبها فأمرتها بان تأذن لهم بالدخول . وبعد الترحيب تم عقد الاجتماع الذي تم الاتفاق فيه على تصدير منتجات شركتي الى امريكا الجنوبية مع استيراد بعض المعدات الزراعية و الآت الحصاد الآلي للخضروات التى قد وصلت منها عينات تم اجراء الاختبارات اللازمة عليها بواسطة خبراء وزارة الزراعة وتمت الموافقة على دخولها .. وبالرغم من ان هذه الصفقة تعتبر صغيرة فلا يتعدي هامش ربحها المائتي مليون دولار الا ان الانفتاح على السوق الامريكي الجنوبي هو ما شجعنا على ابرامها .. وبعد خروجهم كانت هناك بعض الصفقات المحلية من زيادة الطاقة التخزينية المبردة ودعم الات المناولة بالمطار وغيرها .. وبعدها اتصلت السكرتيرة تفيد ان مدير بنك...... على الخط فاخبرتها انني مشغول ولكنه عاد للاتصال عبر الجوال ورجاني التكرم بزيارته لان هناك اشياء هامة لا يريد ان يقولها عبر التلفون فوعدته بالزيارة فى اخر اليوم وبعدها اطلعت على تقارير الاداء والموقف المالي للشركة والبريد الالكتروني وبعدها خرجت لاجتماع فى الغرفة الزراعية والذي اضاع وقتي فيما لاطائل منه واخيراً ذهبت لبنك.... ووجدت مكتب السكرتارية مكتظاً بالبشر ، وما ان رأتني السكرتيرة حتى هبت واقفة راسمة على شفتيها ابتسامة واسعة ثم دعتني للدخول على السيد المدير الذي هب واقفاً لتحيتي ثم اخبرني بان السيولة قد وصلت وبما انها لا تتعدي المليار ولاني زبون يفي بالتزاماته فى مواعيدها فسيكون سعيداً باعطائي اولوية مطلقة ثم بايماءة من رأسه وطبعاً ( انت سيد العارفين بنفس الطريقة السابقة) فاخبرته بان معاملاتي جاهزة وسأرسلها غداً مع مدير الحسابات، وخرجت من عنده لا لحق بغداء عمل لشركة اجنبية قدمت عروضاً جيدة واثناء سيري و تفكيري فيما بعد الغداء والفوائد التى يمكن ان اخرج بها من هذه الصفقة خاصة بعد ان اشترطت الزوجة الجديدة لسكنها عمارة من خمسة طوابق فى قاردن سيتي وفجاءة ارتطمت سيارتي بشئ حقير صغير الحجم يسمونه هذه الايام سيارة ففتحت باب العربة بتمهل متمتماً سلامة ...سلامة.. فانا مستعد ان اعوضه ثمنها وعليه ان يذهب معي لشركتي ولدهشتي رفض العرض او الخوض فيه حتى تصل شرطة المرور فقلت له يا ابني انني مستعد ان اشتري له مائة من مثل هذه ... ومن الخير له ان يذهب معي ولكن هذا الغبي المأفون رفض ايضا فانهلت بقبضتي على سيارتي صائحاً ليس لدي وقت لكي انتظر فامامي ارتباط هام ... وهنا تضاحك جمهور الحاضرين من اولئك الكالحين والذين احاطوا بنا وبدأوا فى التعليق ( عاملين فيها حرامية كبار وتكسروا عربات الناس ودايرين تزوغوا؟ ما تخليهو يا زول) ..فرجوته مرة اخري ان يذهب معي لعمل التسوية ولكنه اصّر على الانتظار وعندما لم اتمالك نفسي لطمت سيارته بقدمي وفى تلك اللحظة افقت على لطمة هائلة فى ساقي وآلة بشرية ضخمة تصيح " انت نائم فى بيت ابوك؟ الحراسة دي ما ضيقة !! ما تلم كرعيك) فما كان مني الا ان قفزت واقفاً بقدم واحدة وانا ارتجف من الخوف فنظر الىّ شذراً وهو يصيح ( هنا مساواة يا حبيب الجايبو البنك ولا الجايبو غيرو.. ثم بغمزة تبعتها ضحكة تهكمية .. معسرين قال.. كدي ادينا سفة!!)

المصدر: مهندس زراعي - مختار احمد مختار- مدير إدارة الارشاد الزراعي - الادارة العامة لنقل التقانة والارشاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1084 مشاهدة

ساحة النقاش

الارشاد السوداني

sudaextension
نحن مجموعة من المهنيين المحترفين في مجال الإرشاد الزراعي والحيواني نسعي لتطوير وترقية الإنتاج الزراعي بشقيه لدعم الأقتصاد ورفع مستوي المعيشة ومكافحة الفقر عبر استخدام آليات الارشاد ونشر البحوث العلمية الرصينة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,039,276